استقبل الرئيس علي ناصر محمد يوم أمس 20 نوفمبر في مقر اقامته بالقاهرة الدكتور خالد قنديل نائب رئيس حزب الوفد المصري وعضو مجلس الشيوخ..
ودار نقاش حول آخر التطورات على الساحة الفلسطينية والعربية والدولية وأكدا على ضرورة وقف حرب الابادة التي يتعرض لها الشعب الفلسطيني في غزة والضفة الغربية والشعب اللبناني الشقيق، في ظل صمت عربي واسلامي ودولي بل حتى في ظل دعم أميركي لا محدود سياسياً وعسكرياً ومالياً وكان آخرها الفيتو الاميركي امس في مجلس الامن في مواجهة العالم ورغبته في وقف الحرب وتحقيق السلام، وهو امتداد للفيتو الاميركي منذ بداية الحرب، وكنا نتمنى الا يتحول هذا المجلس الى مجلس تشريع الحروب ضد الشعوب وفي مقدمتها الشعب الفلسطيني واللبناني..
وأشاد الرئيس بالدكتور قنديل ومواقفه القومية تجاه القضية الفلسطينية وتجاه اليمن والجزائر والسودان والعراق وسورية وجميع البلدان العربية..
وفي ختام اللقاء أهدى الرئيس من كتابه رباعية ذاكرة وطن (الثورة - الدولة - السياسة الخارجية- الوحدة)..
وقد نشر الدكتور جمال قنديل مقالاً عن هذا اللقاء وهذا نصه:
كان اللقاء أشبه بلقاء بين قلبين يعتصرهما حنين وطن، كلٌ ينبض بماضيه وأحلامه، حين صافحتُ الرئيس اليمني السابق علي ناصر محمد، شعرتُ أنني أصافح تاريخًا حيًا، كأنّ يدَه امتدادٌ ليد أمة، كأنها تكتبُ على راحة الزمن قصصًا من العزيمة والانكسار، من النضال والحب، من الحلم الذي عاش في عيون الرجال الشجعان ولم يخبُ.
جلسنا في زاوية هادئة، بيننا رائحة القهوة اليمنية التي كانت شاهدًا صامتًا على حديثنا. كان صوته متزنًا كأنه يخرج من كتاب تاريخٍ قديم، لكنه مغموسٌ بمرارة الحاضر وأمل المستقبل. تحدث عن اليمن وكأنها امرأة أحبها حتى الثمالة، امرأة أرهقتها الحروب ولكنها لم تفقد كبرياءها. كان يروي لي عن قريته الصغيرة، عن مدينته التي نامت على أكتاف الجبال، عن شعبه الذي يعرف كيف يصنع المجد من الرماد.
حين تحدث عن جمال عبد الناصر، كان صوته يرقّ كأنما يستحضر في ذاكرته صورة رجل لم يكن مجرد رئيسٍ، بل كان حلمًا جماعيًا للأمة العربية. قال لي: "عبد الناصر لم يكن رجلاً عاديًا، كان فكرةً، وكان علينا أن نكون أوفياء لتلك الفكرة." شعرتُ أن بين كلماته سطورًا لم تُكتب، كلمات عن الحنين لزمنٍ كانت فيه العروبة أكثر من شعار، كانت أغنيةً يُرددها الفلاحون في حقولهم والجنود في خنادقهم.
ثم امتدت يده ليقدم لي كتابه "ذاكرة وطن". كتابٌ ليس كبقية الكتب، بل أشبه برسالة حبٍ للوطن، لكل شجرةٍ نبتت على أرضه، لكل دمعةٍ سالت من أمهاتٍ فقدن أبناءهن في سبيله. كان الكتاب مغلفًا بعناية، وكأنما يخشى أن تصيبه شظايا الحروب التي أحرق دخانها أطراف الخريطة العربية.
فتحت الكتاب وأحسست بثقل الحروف.. لم يكن مجرد صفحاتٍ وأحبارٍ، بل كان ذاكرة كاملة للوطن الذي نازع الرياح، وظل واقفًا كشجرة زيتون في وجه العواصف. قلت له: "شكراً على هذا الكنز، هذا ليس إهداءً، بل هو وصية، وأنا سأكون أمينًا عليها."
خرجتُ من اللقاء وكأنما حملتُ قطعةً من روحه. أدركتُ أن الوطن ليس حدودًا نرسمها على الخرائط، بل هو رجالٌ مثله، رجالٌ يكتبون التاريخ بأصابعهم، ويرسمون على الوجوه حكاياتٍ عن الانتماء والصمود.
0 تعليق